القرآن الكريم ووحدة الامة
أول ما يجب علينا أمة القرآن أن نؤمن بأركان الايمان التي ذكرها القرآن الكريم في أول آياته في كتابه العزيز
( ألم ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )
في وقت نحن أحوج ما نكون الى الوحدة و لمعرفة هذا الاسلوب القرآني والنبوي للدعوة على نور وبحكمة بحيث يقبله
الاخر الذي ما عرف عن الاسلام الاممارسات مشوهة قام بها من ينتمي للاسلام بتأويلات لاحكام شرعية
ولصفات الذات الالهية وشك في كتاب الله تعالى جعلت من الاخر يرفضها لانها في مجملها كانت تبعا لهوى أو تعصبا لمدرسة سياسيا أو فكريا أو لمجرد المخالفة .
والاسلام بعيد كل البعد في أساسه وبنيانه وأحكامه ودعوته للاخلاق عن هذه الممارسات فهو منارة علم وبنيان حضارة في الاجتماع والاخلاق والسياسة والاقتصاد وكفى أنه امتاز بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأنه للناس كافة ورحمة للعالمين .
أول أساس لهذه الأمة لبناء وجودها وللدعوة لرسالتها هو القرآن الكريم وهو مصدر تشريعها الاول فاذا تطاولت عليه بتركه أو بتأويله بما يكون اتباعا للهوى أو باتهام بعض اتباع مذهب لمذهب آخر أنهم يحملون كتابا آخر محرفا ناقصا او زائدا فهذه أول الطامات الكبرى والعاصفة التي تفرق وتمزق الامة عن أساس وحدتها وألفتها وترابطها بما وصفهم به النبي أنهم كالجسد الواحد في ترابطهم وتوادهم .
لهذا يحمل الداعية أول ما يحمل هذا المنهج في الدفاع عن كتاب الله تعالى ودفع الشبهات عنه لانه اذا كان الشك في الامة في كتاب ربها فكيف للاخر قبوله والعمل به أو التصديق بما جاء فيه ؟
القرآن الكريم وهو أعظم وثيقة أنزلها الله تعالى هداية للناس ورحمة بهم ولايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هل يكون بين المسلمين مثار جدل ونقاش في صحته وتحريفه أو النقص والزيادة فيه أو التشكيك بآياته
أو نتهم الاخر بحمل مصحف غيره وقد اتفق المسلمون على اختلاف مشاربهم الفكرية أن هذا القرآن المعجز الخالد الذي تحدى الله به أن يأتي أحد بسورة أو بعشر سور أو بقرآن مثله ؟ وتكفل بحفظه فقال( انا نحن أنزلنا الذكر وانا له لحافظون ) وتوعد من يلحد في آياته فقال : ( ان الذين يلحدون في آياتنا لايخفون علينا ) فكيف يليق بمسلم أن يقول هناك كتاب آخر تعتقده تلك االمدرسة أو هذه ؟
أم كيف يتجرأ على الله تعالى ويقول بكتاب الله تعالى قولا غير الذي ضمنه الله لكتابه من الحفظ والجمع وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ( لاتحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرآنه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه ) . وقال تعالى ( انه لقرآن كريم في كتاب مكنون ) .
أجمع علماء الامة على تعريف كتاب الله تعالى بما يميزه عن غيره من الكتب بأنه هو كلام الله المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام والمتعبد بتلاوته المبدؤ بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس والمنقول الينا بالتواتر . ) او باختصار (هو كلام الله المعجز ).
وقد كثرت في الاونة الاخيرة تشكيكات ليس بكتاب الله مباشرة ولكنها بالنتيجة تعارض بلا شك ولا ريب حفظ الله لكتابه في محكم تنزيله وما جاء من الايات السابقة التي تدل وتشير الى حفظه وعصمته من الخطأ أو التحريف ذلك للتشكيك في منهج مدرسة تخالفني الرأي أو ليتسنى لي تكفيرها ومحاربتها وعداوتها وبالتالي لا اقبل حوارها لانها بما تعتقد حسب المشككين لها كتابا غير كتابنا وقرآن غير قرأننا وهذا باعتماد روايات لايقبلها أبناء المدارس الاسلامية جميعا أو يؤولونها مرة بالناسخ والمنسوخ أو بالادراج أو بأساليب القرآآت وطرقها الى غير ذلك مما لا يقدح في حفظ القرآن وتمامه كما قال تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعتمي ورضيت لكم الاسلام دينا ) .وهنا لابد من الاشارة بمثال على ذلك اذا جاءت رواية تتكلم عن مصحف وفيه غير الذي نقرأ فقد ورد ذلك في الصحاح عن صحف للسيدة عائشة ولابن مسعود وللسيدة فاطمة الزهراء ومصحف عثمان وغيرها وهي لاتعني القرآن الكريم انما صحيفة فيها آيات كتب عليها تأويلها مما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم وقد أتلفت جميع هذه الصحف في زمن الخلفاء وخاصة ما اتفق المسلمون عليه بعد كتابة مصحف واحد بنسخ متعددة لكل الامصار ولا تزال الطبعات الحديثة تذكر أن هذه قوبلت على النسخة العثمانية ولايشك أحد أن المسلمون لايتعبدون بكتاب غير هذا الكتاب وهو القرآن الكريم السابق تعريفه .
والأجدر بعلماء الامة كما استفاضوا بدراساتهم في تفسيره واستنباط الاحكام منه أن يولوا هذا الكتاب أهمية أكبر
أن يكون أولا اول المشتركات بين مدارس الامة ومذاهبها وقاعدة للتقارب بينها ثانيا في تنقيح الاحكام واستنباطها بما يتناسب والعصر وثالثا كما استفدنا في العقل اليوناني جزئيا في تطبيقه على أحكام العقائد فوقع الخلاف في ذلك وكثرت المدارس وكل مدرسة تدعي الاحقية لها دون غيرها أن نستفيد وننتفع من المنهج القرآني بتوحيده للامة بما تمتلك من مشتركات ومعالم في دينها . وأخيرا أن نستذكر أننا خير أمة في كتاب الله تعالى فما الذي جعلنا الان غير ذلك الا بتركنا لمنهج القرآن واختلافنا فيه .
__________________
مصطفى القاسم فلنتعلم لنتقدم