عبد القاهر البغدادي رحمه الله تعالى:
[size=21]قال الإِمام الكبير حجة المتكلمين عبد القاهر البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الفَرْقُ بين الفِرَقِ: (الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة. اعلموا أسعدكم الله أن أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس:
1ـ صنف منهم أحاطوا علماً بأبواب التوحيد والنبوة وأحكام الوعد والوعيد والثواب والعقاب وشروط الاجتهاد والإِمامة والزعامة..
2ـ والصنف الثاني منهم: أئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث من الذين اعتقدوا في أُصول الدين مذاهب الصفاتية في الله وفي صفاته الأزلية وتبرَّؤُا من القدر والاعتزال، وقالوا بدوام نعيم الجنة على أهلها، ودوام عذاب النار على الكفرة، وقالوا بإِمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وأحسنوا الثناء على السلف الصالح من الأمة، ورأوا وجوب الجمعة خلف الأئمة الذين تبرؤا من أهل الأهواء الضالة، ورأَوْا وجوب استنباط أحكام الشريعة من القرآن والسنة ومن إِجماع الصحابة، ويدخل في هذه الجماعة أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم.
3ـ والصنف الثالث منهم: هم الذين أحاطوا علماً بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وميزوا بين الصحيح والسقيم منها، وعرفوا أسباب الجرح والتعديل، ولم يخلطوا علمهم بذلك بشيء من بدع أهل الأهواء الضالة.
4ـ والصنف الرابع منهم: قوم أحاطوا علماً بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف، وَجَروْا على سَمْتِ أئمة اللغة كالخليل وأبي عمرو بن العلاء وسيبويه.
5ـ والصنف الخامس منهم: هم الذين أحاطوا علماً بوجوه قراءات القرآن وبوجوه تفسير آيات القرآن وتأويلها على وفق مذاهب أهل السنة دون تأويلات أهل الأهواء الضالة.
6ـ والصنف السادس منهم: الزهاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا، واختَبروا فاعتبروا، ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور، وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك مسؤول عن الخير والشر، ومحاسب على مثاقيل الذر، فأعدُّوا خير الإِعداد ليوم المعاد، وجرى كلامهم في طريقَيْ العبارة والإِشارة على سَمْتِ أهل الحديث دون من يشتري لهو الحديث، لا يعملون الخير رياء، ولا يتركونه حياء، دينُهم التوحيد ونفي التشبيه، ومذهبهم التفويضُ إِلى الله تعالى، والتوكلُ عليه والتسليمُ لأمره، والقناعةُ بما رزقوا، والإِعراضُ عن الاعتراض عليه. {ذلكَ فضلُ اللهِ يؤتِيهِ مَنْ يشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ} [الجمعة: 4].
7ـ والصنف السابع منهم: قوم مرابطون في ثغور المسلمين في وجوه الكفرة، يجاهدون أعداء المسلمين ويحمون حمى المسلمين.
8ـ والصنف الثامن منهم: عامة البلدان التي غلب فيها شعائر أهل السنة، دون عامة البقاع التي ظهر فيها شعار أهل الأهواء الضالة..) [الفَرْقُ بين الفِرَقِ للإِمام عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 429هـ. ص189].
[/size]