ammar المدير العام للديوان
عدد الرسائل : 755 العمر : 39 نقاط : 336 تاريخ التسجيل : 24/12/2008
| موضوع: محافظة العبد على صفائه وحضوره مع الله تبارك وتعالى الخميس مارس 19, 2009 10:34 am | |
| محافظة العبد على صفائه وحضوره مع الله تبارك وتعالى
هذا وصفٌ لورّاث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أجسامُهم مع الناس وقلوبهم مع الله جلَّ وعلا . هذه مرتبة عالية ، وهذا واحد من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم /4 ] ، فاختلاطه عليه الصلاة والسلام بالنّاسِ والأمورِ الدنيوية واشتغالهُ بالحروبِ والأهلِ والتبليغِ لا يشغله عن الله تعالى . لكن بالنسبة لغيره عليه الصلاة والسلام كلُّ واحد على حسب طاقته وطبيعته البشرية . فكلّما خفَّف جانب البشرية يقوى الجانب الروحي ، ويكون تعلقه بالله تعالى وصفاؤه وحضوره معه أكثر ؛ وهذا الرزق المعنوي كالرزق المادي ، أعطى الله بعض الناس أكثر من بعض ، قال تعالى : (( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )) [ الأنعام /165 ] . هكذا شأنه جل وعلا . لكن على المؤمن أن لا يكتفي بهذا التقسيم ، لأنه لا يعرف في الحقيقة هل لـه استعداد للترقي أم لا ، بل عليه أن يجاهد نفسه بأمـر الله : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) [ العنكبوت /69 ] . مَن أراد أن يكون من هذا القسم فله علاج ودواء لمرضه الذي هو فيه ، وهو : أولاً : تهذيبُ النفس ومخالفتُها : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهـَا وَقَـدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)) [ الشمس /9-10 ] . ثانياً : الاعتقاد الصحيح في حقّ الله جلّ وعلا وفي حق صفاته الجليلة وفيما يتعلق بالحشر والنشر والحساب والعقاب والجنة والنار ، وكلِّ الأمور الغيبية ، أعني : اعتقادَ أهل السنة والجماعة (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)) [ البقرة /3 ] . ثالثاً : التمسّكُ بشرع الله جلَّ جلاله ، لا بالقيل والقال بل بحسب الحِلِّ والحُرمة ؛ وذلك بالتمسك بالكتاب المبين واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام . ويدخل في ذلك أمور كثيرة منها : (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ )) [ المؤمنون /1-2 ] ، (( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ )) [ يونس / 109 ] . . . هـذا كـلُّه يدخل في التمسك بالشريعة . رابعاً : بقيَ شيء آخر وهو سُلَّم للوصول إلى هذه الفضائل جميعـاً ، وهو ذكر الله تعالى . فمَن دخل الخلوة فلْيُكثرْ من ذكر الاسم المفرد ( الله ) ، ومَن لم يدخل الخلوة فليكثر من ذكر ( لا إله إلا الله ) والصلاةِ على رسول الله عليه الصّلاة وأفضل السلام . موضوعُ هذا المقال واحدٌ من طرقِ الولاية ، وهو مقامٌ عالٍ . وطرقُ الولاية كثيرةٌ ، لكنَّ أفضلّها اتّباعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العادات والعبادات ، وعدمُ الميل إلى الكشف والكرامات ، لأنّ هذه الأمور ليست مهمّة ؛ فركعتان بعد الوضوء ـ مثلاً ـ أهَمُّ منها . مَن وصل إلى هذا المقام عليه أن لا يرى لنفسه مرتبة ولا مقاماً ولا أي شيء ، وعليه إذا أمكن أن يتعلق بشخص يوجِّهه ، لأنه لا يمكن الوصول إلى هذه الفضائل بدون واسطة . فلو قيل : بعض الأولياء وصلوا إلى ما وصلوا بدون التمسك بالواسطة ، نقول : هؤلاء لم يتمسكوا بالواسطة ظاهراً ولكنهم تمسكوا بالواسطة باطناً ، فهم يستفيدون من أرواح الأولياء المتقدمين ، كما قال الأستاذ بديع الزمان رضي الله عنه : إني استفدت من الإمام الرباني والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي وغيرهم رضي الله عنهم . لكن لا يمكن لشخص أن يستفيد من أرواح الأولياء المتقدمين إلا إذا كان من أهل الدّيوان ؛ فإذا كان من أهل هذا المقام فهو يجتمع بهم ويسأل ويُجاب ويصحَّح له . | |
|