وبعد؛ فهذا غيض من فيض في الكشف عن بعض
صفاتهم الدنيئة، وخططهم الماكرة، وأساليبهم الهدامة التي أوجبت عليهم سخط الله
ورسوله والمؤمنين.
وبسبب قبائحهم وصفاتهم الخبيثة جعلهم الله Iمحل الغضب والعقاب وأزال عنهم المنافع بالكلية، وقضى
عليهم بتسعة أشياء ذكرها في القرآن الكريم وجعلها من سنته في اليهود إلى يوم
القيامة:
1- الذلة؛ قال الحق سبحانه: ﴿ضُرِبَتْ
عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ
مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ
وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا
يَعْتَدُونَ﴾ ([95])
.
2- المسكنة؛قال الله عز اسمه: ﴿وَضُرِبَتْ
عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ ([96])
.
3- المسخ؛ قال الباري جل وعلا: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ
الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً
خَاسِئِينَ﴾ ([97])
، وقال الله جل
ثناؤه:﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ
مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ
وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ
سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ ([98])
.
4-اللعنة؛ قال الله تعالى وتقدس:﴿فَبِمَا
نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ ([99])
.
5- الغضب؛ قال الخالق جلت عظمته: ﴿بِئْسَمَا
اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا
أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ ([100])
.
6-7- الإصر والأغلال؛ ﴿الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا
عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ
عَلَيْهِمْ﴾ ([101])
.
8- الجلاء والشتات (المنفى) وأن لا تقام لهم
دولة ([102])
؛ قال الحق جل
ثناؤه: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي
الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ ([103])
، وقال عز سلطانه
وتقدست كلماته:﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ([104])
﴾ ([105])
.
وهذه الحقيقة يعترف بها اليهود أنفسهم، يقول
الناطق الرسمي باسم جماعة ناطوري كارتا ( [106] )
اليهودية التي أسست
سنة 1935م، الحاخام "ديفد وايز":"ممنوع لليهود أن يقيموا
دولة (...) بسبب خطيآتنا ونقصنا وعيوبنا الروحية لذلك قال لنا الله أنتم كشعب
سوف تعيشون في المنفى باعتبارها عقوبة عليكم من الله" ( [107]
) .
9- البغضاء بينهم؛ فالتفرق
والتشرذم وعدم اجتماع كلمتهم، والعداوة بينهم، وشتاتهم في العالم ، ماض في
اليهود إلى وقت مجيء وعد الآخرة. وصدق الله تعالى القائل في كتابه
العزيز:﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا
يَعْقِلُونَ﴾ ([108])
، والقائل في محكم
التنزيل:﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ﴾ ([109])
.
ومجمل القول: فاليهود هم اللعنة المجسدة
والمثل المضروب لنا في القرآن وفي سنة الله، وهكذا اقتضت سنة تسليط الله لبعض
عباده على اليهود سنة مطردة تؤكدها الوقائع التاريخية، جزاءً وفاقا على سوء فعالهم،
وعلوهم وفسادهم. يقول الباري جل في علاه:﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ
عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ
رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ، وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ
وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ([110])
.
رُغم ما نراه من علوهم وفسادهم، ورغم ما نراه
لهم من أنصار، ورغم ما نزل بأمتنا من كرائه الأمور، وحَوازب الخطوب، فإن الله القادر
جل وعلا سيبعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد يسومونهم خسفًا، ويسوقونهم عنفاً،
وينسفونهم في اليَمِّ نسفاً، ويقطعونهم إربا إربا. وما ذلك عليه بعزيز. ﴿إِذَا
قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ([111])
.
بقي أن نشير ونحن نختم حديثنا عن صفات اليهود
أن من عيوب هذه الأمة أنها تغفل عن سنة الله في كونه، فتضيع بذلك كنوزها، وتشتت
جهودها.
فوعد الله آت، والله لا يخلف الميعاد. وإن غدا
لناظره لقريب. ﴿ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ
شَيْءٍ قَدْراً﴾ ([112]) .